نائل طوغور و المجتمع اللبناني تحت عنوان "فجر"

​

تغيير الجنس" لامرأة قررت أن يصبح رجل! و في التفاصيل أن القاضي جانيت حنا أعطت حق تغيير الجنس على إخراج القيد لإمرأة لكي تصبح بذلك رسميًا رجل، وذلك بتبرير احترام حرية الشخص الفرية دون اعتماد المعايير الطبية كأساس دراسة حالة الشخص، فالقاضي اعتبرت أن من الواجب احترام الحياة الشخصية و جعلها فوق أي اعتبار و عليه بنت حكمها و أصدرته.

هذه الحادثة لم تمر مرور الكرام عند الكاتبة نائل طوغور، نعم إن "نائل" الإسم الذي اعتدنا أن ننسبه للرجل هو عبارة اليوم عن اسم كاتبة لبنانية شابة من طرابلس. تخوظ ثاني تجاربها في الكتابة الروائية.

و تحكي الكاتبة نائل طوغور في روايتها "فجر" التي أصدرتها باللغة الفرنسية تحت عنوان “Aurore” عن المجتمع اللبناني من خلال تساؤلات تطرحها طفلة ذات العشر سنوات، بطلة الرواية. حيث إن البطلة سمعت يومًا في نشرة الأخبار عن حادثة المرأة التي تريد و تطالب بتغيير جنسها على أوراقها الثبوتية لتصبح "رسميًا" رجل. تشاهد الطفلة ردة فعل أهلها المندهشين أمام غرابة هكذا خبر، و تقرأ في عيونهم عبارات الرفض القاطع لهذا الخطب. و تبدأ تساؤلات الفتاة البريئة-الهادفة تختلجها، فبين خبر لم تفهمه و ردة فعل أعيت فهمها أكثر للأمور تسأل عن حق الإنسان في تحديد خياراته، تحديدًا لماذا نمنع الإنسان من أن يكون ما يحب أن يكون... سؤال لا يعدو كونه بريء لكنه يخفي داخله أبعاد اجتماعية و ثقافية قد تكود وجودية في بعض الأحيان.

أما عن محيط بطلة الرواية، فإنه محيط لبناني بإمتياز، تصف فيه الكاتبة أبسط التفاصيل و أدقها، بداية من بيتها مرورًا بطريق المدرسة المتواضع، وصولًا إلى المكتبة التي اعتادت الذهاب إليها حيث تعمدت يوما سماع الراديو في حديث خاص عن الحادثة التي منعها والدها من الاستماع اليها في البيت، فتقول مثلًا "إن أبي لم يعد يسمح لي بمشاهدة التلفاز أو استخدام الحاسوب" و ذلك خشية من أن تقع على حديث متصل بهذه الحادثة التي كان واضحًا تفاعل الفتاة الصغيرة معها و التي طبعًا تشكل عامل خطر على مسامع فتاة تنتمي أو يريد والدها لها الانتماء الى بيئة محافظة.

إذًا، و للمحافظة على عنصر التشويق، نكتفي بالقول أن الكاتبة تكتب المجتمع اللبناني بصدق الأطفال العفوي و نظافة تفكيرهم، فتضع أمام القراء نموذجًا مهمًا للمجتمع اللبناني. كتاب يثير الدهشة من خلال سرد أمور نعيشها يوميًا كأن القارئ مع كل سطر يفكر في بديهيات يومياته المعاشة!

أخيرًا، إن هذا الكتاب هو الكتاب الثاني للكاتبة طوغور، بعد إصدارها الكتاب الأول"ما حدثتني به المينا" الذي هو عبارة عن قصص قصيرة تحكي فيها الكاتبة مجموعة قصص و أحداث في طرابلس. يبدو أن الكاتبة الشابة تهتم للقضايا الإجتماعية بدءًا من مجتمعها الضيق وصولًا إلى المجتمع اللبناني ككل. لا بد من الإشارة أن الكاتبة اختارت الكتابة باللغة الفرنسية إلا أن كتابها الأول يتضمن قصص باللغة العربية كذالك. لا يزال سبب اختيارها لهذا الإسم "نائل طوغور" مبهمًا بعض الشيء إلا أنها و لا شك تستحق القراءة...

د. لؤي زيتون